الزهايمر المؤسسي
الزهايمر المؤسسي: فهم تأثير التخبط في الشركات والمؤسسات
سي إكس أريبيا – ماهر السمهوري
يعد مرض الزهايمر ، حالة من الخلل التي تصيب الدماغ في جسم الإنسان لا يمكن ايقافها ، تؤثر على ضعف الذاكرة وصعوبة في اتمام المهام المالوفة وحاله من الخلط الذهني في المكان والزمان ، وصعوبات في التخطيط وحل المشكلات والعديد العديد من الأعراض التي تحول بين الشخص وبين قدرته على الإنجاز وممارسة حياته وأنشطته اليومية بطريقة طبيعية ، هذه الحالة أيضا قد تصيب العديد من المؤسسات ، والمؤسسات في وحدتها تماما كجسم الإنسان تمرض ، وتصيبها حالة من الاختلال الوظيفي التي تعيق من تقدمها وانجاز المهام .
هل صادفتم أن تقوم المؤسسة بالعمل على مشروع وكأنها تقوم به للمرة الأولى ؟ او عانيتم من تكديس في المهام ثم طلب منكم التوقف عن القيام بها بطريقة مفاجئه ؟ أو توقفت المؤسسة عن العمل على بعض المشاريع بعد مضي الزمن عليها مدة من الوقت ؟
انها حالة الزهايمر المؤسسي ، حالة من الفوضى الادارية في ادارة الموارد وتوجيهها بطريقة لا تتناسب مع اهداف المؤسسة العامة ورؤيتها المستقبلية ، فهناك العديد من المشاريع والملفات المطروحة على الطاولة ، دون ان يتم التعامل معها والعمل على الانتهاء منها
تؤدي في المنظمة إلى ضياع الوقت والجهد واستنزاف الموارد الماليه والبشريه وضعف في الإنتاجية والأداء مما يعيق نمو المؤسسة وتقدمها .
هنا سنطرح مجموعة من الأسباب والحلول للحد من هذه الظاهر والتعامل معها :
اولا : التخبط الاستراتيجي ووجود خلل في وضع الاستراتيجيات والأهداف الخاصة بالمنظمة .
يتعلق التخبط الاستراتيجي بعدم اليقين والتحديات التي يواجهها المديرون التنفيذيين والمسؤولون عن اتخاذ القرارات الاستراتيجية عند تنفيذ استراتيجيات المؤسسة. هذا التخبط قد يكون نتيجة لتغيرات غير متوقعة في السوق أو البيئة التنظيمية، أو تغيرات في تكنولوجيا المعلومات، أو تغيرات في اللوائح والسياسات الحكومية.
ويؤدي اي خلل في الخطط المطروحة والاهداف الغير واضحه يؤدي إلى خلق حالة من الفوضى في اختيار المشاريع وتنفيذها .
الخطط الجيدة والأهداف الواضحة هي من يقود عملية النمو المؤسسي ، والانسجام ما بين هذه الأهداف والرؤية العامة للمؤسسة يسهل سير العمل وإتمام المشاريع ، اختيار أهداف ذكية وقابلة للقياس ، محددة ذات صلة في استراتيجيات المنظمة قابلة للتحقيق ،ضمن جدول زمني واضح للبدء والانتهاء يعزز النمو المؤسسي ويجنبها الدخول في حالات الزهايمر المؤسسي .
ثانيا : عدم وجود سياسات وإجراءات فعّالة
بشكل عام، تلعب الإجراءات والسياسات دورًا حاسمًا في توجيه وتنظيم العمل في المؤسسات، وتساهم في تحقيق الأهداف والمساهمة في النجاح والاستدامة على المدى الطويل و تحقيق الكفاءة وضمان الامتثال.
السياسات والإجراءات تمثل العمود الفقري لأي مؤسسة ناجحة، حيث توفر الإرشادات والإطار الضروري لضمان التنظيم والكفاءة والامتثال للمعايير واللوائح. ومع ذلك، يمكن أن يكون لعدم وجود سياسات وإجراءات فعّالة تأثير سلبي كبير على العمليات المؤسسية وأدائها بشكل عام.
أن عدم وجود سياسات وإجراءات وتحديثها بشكل دائم يؤدي بشكل حتمي الى ضبابية العمليات وفقدان التنظيم بجيث يصعب على الموظفين تحديد ما يجب عليهم القيام به بالضبط، وهذا يؤدي إلى الضياع والتباس الأدوار والمسؤوليات. كما يزيد من المخاطر التي يمكن أن تحدث حوادث غير متوقعة أو خسائر مالية نتيجة عدم وجود توجيهات واضحة للتصرف في مواقف معينة.
ثالثا: ضعف كادر العمل والفريق الأداري
وجود القيادة صاحبة الخبرة والمهارات والكفاءات ، القادرة على اتخاذ القرارات وإدارة المشاريع ، ضروري في أي منظمة وعدم وجود مثل هذه الكفاءات يؤثر على إنجاز المؤسسة سلبا ، والتخبط في اتخاذ القرارات وخطط سير العمل والانجاز .
رابعا: عدم القدرة على مواجهة التحديات
عند تنفيذ العديد من المشاريع ستواجهه المنظمة العديد من المعيقات والعقبات التي قد تمنع من اتمام العمل ، وجود خطط بديلة وتوقع هذه المعيقات قبل الاصطدام بها على أرض الواقع ورفع جاهزية توقع المخاطر والتعامل معها مسبقا قبل البدء ووجود فريق عمل قوي قادر على التعامل معها يساعد في إتمام المشاريع المؤسسية والإنجاز .
خامسا: عدم وجود دراسة جدوى اقتصادية
تعد دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع قبل البدء بتنفيذه من الخطوات الاساسية لاتخاذ أي قرار مؤسسي ، حيث تساعد دراسة الجدوى الاقتصادية في توقع العائد المالي وتحديد المدة الزمنية اللازمة للانتهاء من المشاريع وتحديد التكلفة المتوقعة للمشروع والعديد من المعلومات التي تساهم في اتخاذ القرار وتجنب ضياع الموارد واستنزافها .
سادسا : عدم وجود معايير واضحة لتقييم الأداء.
وجود معايير واضحة لتقييم أداء الأفراد وقدرتهم على إنجاز المهام الموكلة إليهم يساهم في تعزيز سير البرامج والمشاريع ، وكل ما عجزت المنظمة عن التقييم الحقيقي لجهودها ولم يكن هناك معايير موحدة تضمن قياس حقيقي انتاجية الافراد كلما زادت الفجوة بين الاهداف المرجوه والأداء الفعلي .
سابعا :ضعف بنية الهيكل التنظيمي
يلعب تسلسل الهرم الإداري دورا مهما في التأثير على دوران العمل المؤسسي وسرعة الانجاز ، الخلل في الهيكل التنظيمي وضعف توزيع الأدوار والواجبات بين أفراد المنظمة يؤدي إلى شلل في سيران العمل و عائق حقيقي أمام تحقيق الأهداف
على كل فرد في المنظمة عليه أن يعي دوره ومسؤولياته وانا يقوم بها على أكمل وجه ، ويترتب على الخلل في أداء هذه الأدوار يعود على كامل المؤسسة بالضرر وليس على الفرد وحسب ، كمان أوضحنا سابقا المؤسسة وحدة واحدة لضمان سير العمل بالطريقة الصحيحة على كل فرد ان يقوم بدوره بالشكل الصحيح .
اخيرا الوقاية خير من قنطار علاج ، حينما تصل المؤسسة إلى حالة زهايمر مؤسسي في كثير من الأحيان يمكن أن يتسبب ذلك في فقدان الثقة من قبل العملاء والشركاء والمستثمرين و تتكبد الكثير من الخسائر الفادحة وتستهلك مواردها البشريه والاداريه دون جدوى ، الوعي المؤسسي يقلل من الخطط والمشاريع العشوائية ويجنبنا خوض تجارب فاشلة لا ترقى بالمؤسسة الى اعلى مستوى ، ولا يعني ذلك بالضرورة عدم مواجهة العقبات في التنفيذ لكن التقييم والمراقبة والمتابعة والاستعانة بالخبراء كلها أدوات تجنبنا الوصول الى مثل هذه الحالة .