مقالاتإدارة الموظفينالموظفتجربة العميل

القيادة الملهمة … تعزز تجربة العميل!

القيادة الملهمة … تعزز تجربة العميل!

د. شادي السويركي

القيادة الملهمة … تعزز تجربة العميل!

إن إعداد القادة الذين يمتلكون مهارات نوعية ومتميزة، ورعايتهم والعمل على تطويرهم هو العامل الحاسم في حاضر الشعوب ومستقبلهم، ذلك أنّه القيادة الواعية المدركة لفرص النجاح، القادرة على اتخاذ القرار المناسب من خلال استيعاب الحاضر والتعلّم من المستقبل واستشراف المستقبل، فضلاً عن قدرتها على العمل الجماعي، وقيادة فريق عمل مستندة إلى فهم عميق لطبيعة ما تؤدّيه والقدرة على التحليل، واضعة العميل في قلب كل الخطط الاستراتيجة كمحرّك أساسي للنمو، تلك هي العملة النادرة التي يجب التنقيب عنها والعناية بها، ذلك أنّ مهما كانت مهارات وقدرات الجموع من الناس إلا أنها تحتاج إلى من يحدد الهدف، يستنفر الطاقات، يسند المهام، يعرف القدرات، يصقل المهارات، ويقيّم الإداء، وهو العنصر الفاعل والمؤثر في حياة الناس.

ربما كان من الجيّد البدء بتحديد الغرض من القيادة وكيف يستطيع المرء أن يتولى القيادة بفاعلية وكفاءة أكثر في عالم مغيّر الأعمال والأحداث! وعليه أوجز أسفله بعض الصفات القيادية التي تعتبر ضرورية لوجود قيادة تحويلية فاعلة وملهمة قادرة على التعامل مع الظروف وتحريك الفريق ومن خلفه المؤسسة نحو الهدف بكل كفاءة وفعالية.

  • اعرف عميلك وحسن تجربته!

يعتبر العميل هو المدير أو الشخص الأهمّ في أي شركة ناجحة! فتجربة العميل مهمة بشكل قاطع في النمو المستمر لأي عمل، فمن المهم ضمان تجربة إيجابية للعميل، حتى يتمكن العملاء من بناء ولاء للعلامة التجارية تجعلهم يعملون لديك كفريق تسويق موثوق في سوق العمل ينشرون نقاط قوتك ليقوموا بإرشاد أصدقائهم إليك وإلى الخدمة التي تقدمها وترك تعليقاتهم الإيجابية لك والتي من شأنها أن تساعد عملك على الاحتفاظ بالإيرادات وكسب عملاء جدد. وليس شيء أقوى من تجربة صادقة للإقناع في عالم التسويق!

لذلك من المهمّ بمكان أن تجعل خلق تجربة عميل سهلة ومميزة لا يمكن نسيانها هي القاعدة المركزية للتخطيط الاستراتيجي والإبداعي والعمل على خلق بيئة عمل تضع العميل في أعلى قائمة الأوليات لأنه أساس النجاح والاستمرارية

  • كلمة السر ” المرونة ”

عام 2020 وكورونا! مصطلحين لحدثين سيكتبهم التاريخ! أُغلقت صالات السينما واُطفئت المسارح أضواءَها وعطلّت الأعمال وسَاد السكون في كل مكان! مرحلة جديدة من التاريخ صَنعت واقعاً جديداًّ، تمكّن فقط القادة الحقيقين الملهمين من كتابته بمداد من ذهب وتخليد أسمائهم في صفحات الشرف والمجد بما أظهروه من سِمات قياديه رائعة جعلتهم ينهضون ويحققون أقصى فائدة ممكنة.

كانت اختبار حقيقي لكل قطاعات الأعمال التي وجدت نفسها في حالة شلل وتوقّف فرضت عليها دون سابق إنذار! وكانت كلمة الفصل الحقيقة لأولائك القادة الذين كانت لهم رؤية مرِنة في التعامل مع التحديات والتكيّف السريع! شهدنا انتشار خدمات التوصيل وسنّت قوانين العمل المرن من المنزل والتي أصبحت فيما بعد أسلوب عمل وطريقة استمرارية ما فتِئت أغلب الشركات تنهجها وتتبنّاها للمستقبل.

القائد الناجح هو الذي يعرف كيف يفرّق بين الأمور التي ينبغي أن يعاند فيها ويتمسك برأيه وأفكاره فيها، والأمور التي ينبغي أن ينفتح فيها على التغيير والآراء المخالفة. يقول جيف بيزوس، مؤسس موقع أمازون، ” إذا لم تكن عنيدًا، فستتخلى عمّا قريب عن التجريب والابتكار. وإذا لم تكن مرنًا، فستضرب رأسك بالحائط، ولن ترى حلًّا آخر للمشكلة التي تحاول حلها “.

عزيزي القائد! المرونة والقدرة على التكيف أصبحت مطلب في كل القرارت المتخذة والتي تعكس رؤية فعالة لاستمرارية العمل رغم كل التحديات والظروف، ففي القيادة المرنة تصبح المعادلة دائما صحيحة برغم المتغيرات.

  • القائد الإنسان

قد تخلق القيادة من خلال السلطة إحساساً خاطئاً بالتحكم وفرض الرأي مما قد يعزلك عن فريقك الذي تقوده. هذا الفخّ خطير ويؤدي إلى القضاء على روح الفريق، كون مهمة القيادي لم تعد تتعلق بخدمة الآخرين بل تسخيرهم لخدمته!. من المهمّ أن يتعمد القادة وضع آلية تضمن التعاطف وحسن الانصات والنظر في كل ظروف الفرق كعائلة واحدة وتكون من خلال تخصيص الوقت بشكل منتظم للتواصل مع الموظفين والعملاء بشكل مباشر أو غير مباشر، فليس بالضرورة أن يكون بسمة رسمية! قد يكون لقاء على فنجان قهوة، اتصال مباركة على مولود أو ذكرى ميلاد. فكل ذلك يلعب دوراً محورياّ في رفع مستوى الكفاءة بشكل متزايد، فإنّ التواصل على المستوى الإنساني له وقع إيجابي وتأثير على نجاح القيادة.

قائد فريق العمل الناجح هو إنسان يلهم ويحفز زملاءه في الفريق، ويتمتّع بشخصية كاريزميّة تتمتع بالعاطفة قريبة لقلوب موظفيه فليس من الغريب أنّه يقال أنّ الموظف لا يترك الشركة بل يترك المدير!

  • بناء فريق عمل متمكّن، متطوّر بشكل مستمرّ وقدر عملهم

عملت خلال مسيرتي المهنية مع العديد من القادة الرائعين ومنهم أول مدير لي خلال عملي في قطاع التأمين. تعلّمت منه أنّه في حال قمت بتوظيف أشخاص أستطيع التفوق عليهم بسهولة، فإني أبني فريقاً سأجبر على حمله طوال الوقت. يجب أن يتأكد القادة أنّ كل شخص يستطيع القيام بدوره بثقة. فكما يقول ستيف جوبز (نحن نوظف الأذكياء ليخبرونا هم بما علينا أن نفعله) مثل أولئك الأشخاص بإمكان قادتهم ومؤسساتهم الاعتماد عليهم. من المهمّ أن يعلم القادة أنهم محاطين بأشخاص متميزين والعمل على تطويرهم بشكل مستمرّ، فالقائد الملهم هو الذي يتطور موظفوه على يديه، ويُكسِبهم الخبرة والمعرفة اللازمة ليَمضوا قدمًا في مسارهم المهني، وليُضيفوا قيمة إلى فريق العمل والشركة ولا نغفل أنّ الناس فُطِروا على فعل الشيء الصحيح، هذا يعني أنك ستلاقي نجاحًا أكبر في قيادة فريق العمل إذا ركّزت على استخدام التعزيز الإيجابي والتجشيع بدلاً من الإجراءات السلبية مثل التهديد والتخويف وتطبيق العقوبات فقط.

تلك هي الطريقة الصحيحة لإدارة المنظمة وضمان استمراريتها. بإمكان مثل ذلك الفريق تحقيق نتائج مذهلة وأفضل بكثير من ما قد ينجزه كل شخص على حِدا.

  • القيادة اللامركزية

إنّ القائد الحقيقي يكون مدرك لمعنى القيادة وأهميتها وهو الحرص على إعداد صف ثاني وثالث من القادة المزودين بمهارات تناسب عصرهم تعمل في لا مركزية وفق خطط عمليّاتية واضحة للجميع والاطلاع الدوري على التقارير- مؤشرات الأداء وتقارير الزيارات الميدانية.

فالمركزية الشديدة تقتل المبادرة، وتحد! من الإبداع، وتنشر الاتكالية وانتظار القرارات الفوقية أو الحلّ من الخارج دون تنشيط الذهن أو مواجهة المعضلات والتحديات، كما أن المركزية الإدارية الشديدة تطيل أمد اتخاذ القرار وهو ما يؤثر على كفاءة المواجهة التي تتطلب مرونة كبيرة يجب إتاحتها لمن هم في الميدان، وهو ما يزيد من فاعلية الأداء.

  • لا إبداع او نجاح بدون مخاطرة

يجب أن يخلق القادة بيئة يستطيع الأشخاص من خلالها التجريب وتحمّل المخاطر لاكتشاف حلول جديدة. كافئ العمل الناجح ولكن أظهر أيضاً تقديرك للدروس التي تعلّمها فريقك عند الفشل. فالنجاح المستقبلي هو نتاج دروس الماضي.

تناولت مشروعي الأول كطبيب شاب انتقل للعمل في مجال الإدارة التأمينية والمخاطر وخدمة العملاء وكان هدف المشروع هو ابتكار برنامج يضمن تقديم خدمات مميزة غير مسبوقة داخل مزودي الخدمة الصحية وكان الهدف النزول إلى قيمة صفر في التأخير والشكاوى والتي تنعكس بتحصيل مؤشرات أداء رضا للعملاء كانت الأكثر تحدي، تعثرت فيه لمدة 5 شهور وحاولت كل مايمكن عمله بدون تحقيق أي هدف من الأهداف!. غامَر مديري بإعطائي الفرص المتكررة والفريق والمصاريف والدعم ولا أنسى كلمته المتكررة على مدى ستة أشهر (أقدر مجهودك، ولا احتاجك إلى أن تنجح الآن، أحتاج منك أن تخبرني عن الدروس التي تعلمتها فقط كل شهر!) تعلّمت من أخطائي طوال الفترة. في الوقت الذي كنت أتساءل فيه عن سبب ثقته بي، أدركت أنه قام أولاً بحساب المخاطر وأذكى في داخلي التحدي للاكتشاف والإبداع. النتيجة التي سعى إليها كانت التعلم، والنجاح كان بمثابة مكافأة لنا جميعاً، نجح المشروع وانطلقنا بكل قوة وتَوسّعنا وأصبحت هذه المبادة ركيزة أساسية في استراتيجية الشركة التي أعمل بها. حقيقة أنا فخور بالإنجاز الذي حققناه معاً.

  • تعلّم .. تعلّم .. تعلّم .. لا يوجد قائد لا يستمرّ بالتعلّم والتطوير

يحتاج القادة لعدم الشعور بالضغط نتيجة تخوفهم من عدم معرفتهم لأمر ما. فالمعرفة قوة! وعليه  يجب أن تثبت لفريقك دائما أنك تسعى بشغف نحو تعلم أمور جديدة، فالفضول نقطة قوة! أنهم يتعلمون باستمرار بكل الطرق المتاحة من قراءة، حضور تدريب أو مؤتمر ولا يضيعون ثانيةً دون التقدم خطوة للأمام وما تفتئ تسمع هذا المصطلح المتكرر لديهم ” الاستثمار الذاتي المستمر! ”  فالقادة القادرين على الخروج من منطقة الراحة إلى منطقة التعلّم، سيكونوا أكثر قدرة على التعامل مع التحديات التي تواجه منظماتهم، وخلق ميزة تنافسية مستدامة للمستقبل.

وأخيرا ً

تجربة العميل

في عصر يتسّم بالتغيير يحتاج الأشخاص إلى الإلهام والمرونة. فهم بحاجة إلى قادة يتوصلوا معهم باستمرار على مستوى اسمى يتعدى المزايا الملموسة. نحتاج قادة يصبون تركيزهم على العميل والفرد والفريق قبل الهدف بما يعود علينا بفوائد مستدامة على المدى الطويل تعود بالنفع على جميع أصحاب المصلحة.

 

أقرأ ايضا:

العامل البشري واثره على تحسين جودة الخدمات

رحلة التحول للمرونة من ماكينزي

شادي السويركي

شادي طبيب وخبير استراتيجي وتشغيلي يتمتع بمهارات قيادية رائعة وسجل حافل بالنمو والنجاح لأكثر من 16 عامًا من الخبرة في تشغيل قطاعات الرعاية الصحية وإدارة الـتأمين الطبي وتجربة العملاء د.شادي مدرب معتمد لصناعة التأثير والإلهام ومسجل في International Coach Federation، محكم دولي في المحافل الدولية لتجربة العملاء .اختصاصي طبي في تقييم الاخطار التأمينية من GenRe ,وحاصل على اختصاص تجربة المرضى من PEN ويحمل الماجستير في إدارة الأعمال بالإضافة الى دبلومة متقدمة في إدارة الجودة للقطاع الطبي، وحاصل على الحزام الأسود في Six Sigma ، بالإضافة الى حضور العديد من الدورات التدريبية في القيادة الرقمية والتحويلية المرنة من Mckinsey وجامعة Duke تدرج في مناصب مختلفة ويشغل الآن منصب قيادي في إدارة تجربة العميل -خدمات المستشفيات في شركة بوبا العربية للتامين التعاوني، وهو عضو مجلس إدارة في Customer Institute يهتم بقيادة الأعمال الشغوفة والملهمة التي تنشط المنظمات والأفراد على حد سواء. كم انه يؤمن بخلق بيئة عمل فاعلة للموظفين كحجر أساس لتنفيذ إستراتيجية العملاء والمشاركة التي تشرع في رحلة تغيير الثقافة المتمركزة حول العميل لوضع العميل في قلب كل ما نقوم به

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى