مقالاتاخباراستراتيجية تجربة العميلاطار عمل تجربة العميلتجربة العميلرحلة العميل

دراسة مشاعر المتعاملين لتطوير تجربة مثالية

دراسة مشاعر المتعاملين لتطوير تجربة مثالية

الدكتور أحمد علي شعبان

تستخدم الشركات المختلفة تقارير ومخططات رحلة المتعاملين كأداة أساسية لاتخاذ القرارات التسويقية التي تساهم في إضافة قيمة للمتعامل. وتُعد هذه التقارير من الأدوات المهمة لتصميم وإدارة تجربة المتعامل، وتتكون من رسم تخطيطي سهل الاستخدام يعرض تجربة المتعامل من بداية رحلته حتى نهايتها، ويوضح نقاط التعامل الرئيسية، ولحظة بدء الخدمة، وطريقة الحصول على الخدمة، وطريقة التعامل، وكيفية معالجة الخدمة، انتهاءً بمرحلة الحصول على الخدمة.

ولإثراء تقرير تجربة المتعامل تعتمد الشركات والمؤسسات رسم مخططات رحلة المتعامل بتضمين مستويات الرضا، والأفكار، والمشاعر، والاحتياجات مما يساهم في فهم تجربة المتعامل بكافة جوانبها.

وإذ تحاول الشركات والمؤسسات تطوير تجربة مثالية للمتعاملين، عليها أن تضع في اعتبارها العناصر الأساسية التالية:

  • ضع نفسك في موضع المتعامل وارصد التحديات التي تشهدها بنفسك.
  • استمع لصوت المتعامل وارصد أبرز نقاط القوة والضعف في كل مرحلة من مراحل التواصل مع المتعاملين، واكتب أهم التعليقات الشائعة التي ذكرها غالبية المتعاملين.
  • راقب رحلة المتعامل من منظور خارجي وافحص جميع مراحل التواصل بدقة.
  • سجل أهم الفرص المحتملة التي تم التوصل إليها من خلال الأبحاث النوعية والكمية التي أجريت على المتعاملين.
  • فكر في تجربة المتعامل المستقبلية والتي يجب أن تكون مثالية من وجهة نظر المتعامل.

وتتكون تجربة المتعامل من مزيج من الفن والعلم، وهي بداية مفيدة للتعرف على المتعاملين كما أنها تمثل الطريقة التقليدية لزيادة حصتك السوقية. ومع ذلك، هل تكفي وحدها لتحقيق النجاح؟

يمكننا جميعًا أن نشعر بتسارع وتيرة التغيير في هذا العالم الرقمي، ما أفضى إلى ارتفاع مستوى توقعات المتعاملين وزيادة صعوبة حصول الشركات على رضا المتعاملين. وهنا يبقى خيار واحد للفوز برضا المتعاملين وزيادة الأرباح في الوقت نفسه، وهو التعمق في بحث سبل إرضائهم وفهمهم على نحو أفضل.

وجدير بالذكر أن المتعامل لا يغادر مركز الخدمة قائلاً: “لقد كانت تجربتي اليوم رائعة في المجمل، ويمكنني أن أقيمها بمعدل 8،6 من 10“. فالمتعاملون لا يعربون عن مستوى رضاهم عن كل مرحلة، كما لا يقيّمون تجربتهم باستخدام خوارزمية رياضية لقياس معدلات السعادة. عوضًا عن ذلك، يحتفظ المتعامل في ذاكرته بما صادفه من معاملة تناسب تفضيلاته ومعاييره الخاصة، وما يرتبط بوعود العلامة التجارية، وما يتجاوز كافة توقعات المتعاملين.

ومن ثمّ، يمكننا أن نستنبط نتيجة مفادها أن نجاح تجربة المتعامل لا يتعلق بالمعاملات المادية الملموسة بقدر ما يتأثر بقدرة العلامة التجارية على دغدغة مشاعر المتعاملين والوصول بهم إلى الشعور بالسعادة. على سبيل المثال، بدلاً من التركيز على تطوير تطبيق للجوّال فحسب، ينبغي أن يُعنى أصحاب الشركات بالمظهر العام للتطبيق، ومدى تقبل المتعاملين لتصميمه، وتأثرهم به عاطفيًا.

ومن هنا نجد أن التجربة الشعورية للمتعاملين هي الاتجاه الجديد في عالم الأعمال، حيث ترتبط الشركات بمشاعر المتعاملين، وتضعها نصب أعينها في كل مرحلة من مراحل التواصل، وتجد أن العائد الذي تجنيه يستحق الجهد المبذول. وتقدم شركة كوكاكولا مثالًا متميزًا على النجاح في استخدام استراتيجية العلامة التجارية التي تخاطب مشاعر المستخدم، حيث أسست علامتها التجارية لتتواصل مباشرة مع مشاعر المتعاملين.

وتستخدم حملة كوكاكولا التسويقية “عبَّر عن كل لحظة” هذا المبدأ بطريقة إبداعية، إذ تضع المسميات المختلفة لشتى المشاعر على علب وزجاجات المياه الغازية لتسمح للمتعامل بمشاركة مشاعره مع أصدقائه. وفي حملة مبتكرة أخرى، تشترط الشركة الضغط على جانبي جهاز توزيع المشروبات الغازية بطريقة معينة، ضمن حملة نشر ثقافة “العناق”، للحصول على عبوة كوكاكولا مجانية مقابل كل عناق (فوربس، 2016).

مشاعر المتعاملين

ويتطلب بناء تجربة عاطفية ناجحة تطبيق ست نقاط رئيسية وهي:

  • رفع وعي الموظفين والقيادات بتأثير العنصر العاطفي على تجربة المتعاملين.
  • استخدام المعايير الصحيحة لقياس سلوكيات ومشاعر المتعاملين، فلم تعد الطريقة التقليدية المتمثلة في طلب رأي المتعامل لمعرفة مدى رضائه عن المنتج أو الخدمة تكفي. الآن أصبح من المهم بناء عملية متعددة الأبعاد تشمل التحليلات السلوكية (تحليل تصرفات المتعامل)، وعلم النفس السلوكي (تقييم ما لا يقوله المتعامل صراحة) بالإضافة إلى متابعة تعليقات المتعامل على قنوات التواصل الاجتماعي (الاستماع إلى صوت المتعامل) لتكون بداية جيدة لقياس الشق العاطفي من تجربة المتعاملين.

ومن أهم العلامات التجارية التي تتبع هذا الأسلوب بنجاح سلسلة ستاربكس. وتقدم سلسلة ستاربكس خدمة مذهلة إلا أن “سعر” منتجاتها يُعد أبرز النقاط السلبية من مجموع 26 نقطة وخاصية فرعية.

بالنسبة لتجربة ستاربكس ومع وضع “وعد ستاربكس” في الاعتبار، نادرًا ما يشير المستخدم إلى السعر ضمن نقاط الضعف. وقد تم تصميم منحنى التجربة الشعورية أدناه نتيجة لبحث تم إجرائه في أمريكا الشمالية في إطار أبحاث ستاربكس العالمية، شارك فيه 715 مشاركًا.

مشاعر المتعاملين

منحنى التجربة العاطفية للمتعاملين في مقاهي ستاربكس

 

  • التركيز على مشاعر المتعاملين والفرص المحتملة المتعلقة بوعد العلامة التجارية: تقدم العلامة التجارية لإيكيا وعد وهو (توفير تشكيلة من منتجات التأثيث المنزلي الجيد في متناول يد الكثيرين)، وبالتالي يدرك المتعاملون أن الجودة والسعر هما الفرصة التي يبحثون عنها لدى إيكيا.
  • تصميم واختبار التجربة الشعورية المثالية عن طريق تصميم النماذج الأولية السريعة واستخدام تقنيات التصميم المتقدمة.
  • نشر ثقافة أهمية التجربة الشعورية من خلال عرض قصص التجارب الشعورية الناجحة وأفضل الممارسات على الموظفين.
  • تطوير نموذج شخصيات المتعاملين. في المعتاد، كانت تقسيم المتعاملين يتم وفقًا للمعلومات الديموغرافية، إلا أن النهج الحديث لتقسيم المتعاملين على أساس السلوكيات “نموذج شخصيات المتعاملين” يحتاج إلى التركيز على مشاعر المتعاملين وسلوكياتهم.

وفقًا لهذا النهج، تقوم الشركات بتقسيم المتعاملين على أساس احتياجاتهم، وتجاربهم، وسلوكهم، وأهدافهم ليصبح تصميم المنتجات والخدمات أسهل وملائمًا تمامًا لاحتياجات المتعاملين وتوقعاتهم.

ويمكننا أن نخلص إلى أن تجربة المتعامل هي ما يمكن للمتعامل أن يتذكره. ولذا ينبغي على الشركات أن تركز على تقديم تجربة شخصية ثرية لا تُنسى، تشجع المتعاملين على تحمل تكلفة الحصول عليها. وعلينا أن نتذكر دائمًا أن وضع مشاعر المتعامل في قلب التجربة سيأتي بثماره لا محالة.

 

أقرا أيضا:  مكونات رحلة العميل

أحمد علي شعبان

أحمد هو خبير استراتيجي في التجربة الحكومية وله تاريخ طويل في تقديم البرامج الناجحة التي تركز على التحول الحكومي في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها. مع أكثر من 18 عامًا من الخبرة المهنية في تطوير الخدمات الحكومية، وتقديم الخدمات، وتطوير استراتيجيات تجربة المتعامل، والبحوث والاستشارات، في كل من الشركات الحكومية وشركات القطاع الخاص ، حيث قاد مبادرات التحول الرقمي والتحول في مجال الأعمال التي تعتمد على التكنولوجيا الناشئة. يؤمن أحمد أيضًا برد الجميل للمجتمع. وفقًا لذلك، فهو عضو هيئة تدريس مساعد في كليات التقنية العليا في الإمارات العربية المتحدة، مع التركيز على بناء المعرفة للأجيال الناشئة. (Business Analytics, Business Information System). يحمل أحمد درجة الدكتوراه من IBS-UTM كلية إدارة الأعمال الدولية Universiti Teknologi Malaysia)) ودرجة البكالوريوس في هندسة الإلكترونيات والاتصالات من جامعة القاهرة في مصر

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى