مقالات

هل بالفعل يقوم العملاء بتوصية علامتك التجارية للأهل والأصدقاء ؟

هل بالفعل يقوم العملاء بتوصية علامتك التجارية للأهل والأصدقاء ؟

معالي المرزوع

هل بالفعل يقوم العملاء بتوصية علامتك التجارية للأهل والأصدقاء ؟

يعد مؤشر الترويج الصافي NPS)) في الآونة الأخيرة من المؤشرات الأساسية و المفصلية لقياس نجاح أو فشل تجربة العميل والذي يهدف إلى معرفة مدى ولاء العميل للعلامة التجارية و مدى استعداده للترويج عن المنتجات أو الخدمات المقدمة له، و يٌقاس المؤشر بوضع سؤال محدد في استبيان يرسل عند نهاية رحلة العميل مع المنتج او الخدمة المقدمة له و يتمثل السؤال على النحو التالي: ” من 0 الى 10 ما احتمالية أن توصي بالمنظمة للأهل والأصدقاء؟ “  و يتم تصنيف الردود بناءً على ثلاث فئات: المروجون من (10-9)، المحايدون (8-7)،  المحرضون أو المنتقدون (0 -6)، و يُعرف ان للمؤشر فوائد عديدة  تتمثل ببساطته ووضوحه وتركيزه على رضا العميل وولائه للعلامة التجارية بصفة عامة وذلك بعد مروره بعدة تجارب، ولا يقتصر على تجربته الأخيرة، حتى  تتسم الردود بالحياد و العقلانية  بعيداً عن العاطفة والمشاعر اللحظية، ناهيك عن ان النتائج التي تصاحب هذا المؤشر تعكس صورة عامة عن مدى قوة أو ضعف ارتباط العميل بالعلامة التجارية وعلى ضوءه تتخذ الإدارات العليا قرارات حاسمة لتحسين تجربة العميل وتطويرها. و على الصعيد الآخر يتبادر في الذهن احياناً تساؤل حول الجوانب الخفية لمؤشر الترويج الصافي  (NPS)وما اذا كان يعد أفضل مؤشر لقياس ولاء العميل للعلامة التجارية في  وقتنا الحاضر ، و على الرغم من انتشاره محلياً و عالمياً إضافة إلى سعة رقعة استخدامه من قبل الشركات الكبرى إلا أن الخبراء في المجال يرون ان للمؤشر فجوات عدة تؤثرعلى دقة  نتائجه و فعاليتها في الوصول الى الأهداف المرجوة للمنظمة ، ويمكن عرض هذه الفجوات على النحو تالي:

هل بالفعل يقوم العملاء بتوصية علامتك التجارية للأهل والأصدقاء ؟

  • بساطة المؤشر و أثره في التحكم بالنتائج

نسعى جميعاً لجعل العالم من حولنا ابسط و أقل تعقيداً مما هو عليه في الواقع ولكن قد تأتي المبالغة في التبسيط مردوداً سلبياً على جودة النتائج ودقتها، فالإجابة عن سؤال مؤشر الترويج الصافي (NPS) تتضمن جوانب عديدة و متشعبة يصعب حصرها في نطاق ضيق و من خلال مؤشرواحد فقط ، فلا يوجد مؤشر وحيد يمكن الإستناد عليه للكشف عن جميع الجوانب المتعلقة  برضا العميل للعلامة التجارية وولاءه لها، إضافة إلى ذلك ان التبسيط المتناهي للمؤشر قد يلعب دوراً حساساً في التحكم بالنتائج و تغييرها سواء بقصد او بغير قصد فعلى سبيل المثال : عندما تضع المنظمة هدفاً على ممثلي خدمة العملاء لتحقيق درجة معينة للمؤشر ويكون مربوطاً بمحفزات مادية فقد يلجأ الموظفون لإيجاد طرق غير مهنية لتحقيق الهدف وهو ما يعرف ب ” استجداء نتائج المؤشر أو (Score begging)، وفي حالات اخرى قد لا يتم احتساب المؤشر بالطريقة الصحيحة إما لعدم دراية الموظفين أو لحدوث خطأ ما في برمجية النظام.

  • تصنيف الردود الى ثلاث فئات فقط

عبر الباحثين والخبراء في المجال ان درجات المقياس من 0 الى 10 قد تصبح أكثر فعالية في حال وصف جميع الدرجات ووضع مسميات محددة لكل درجة منها بدلاً من أن يقتصر التصنيف في ثلاث فئات فقط ( مروجون ومحايدون ومحرضون)، وذلك حتى يتسق إنطباع العميل عن الخدمة مع اختياره لدرجة المقياس، للحصول على نتائج أكثر وضوحاً وتعكس بشكل دقيق عن ما يعتقده العميل عن العلامة التجارية. فمن يختار 5 أو 6 ليس بالضرورة يرى نفسه محرضاً للخدمة، و من يختار 7 أو 8 ليس بالضرورة يرى نفسه محايداً و للتحقق من دقة التصنيف الثلاثي تم اجراء مسحاً سريعاً وعلى عيينة مصغرة من 40 شخص لمعرفة ما اذا كان اختيارهم لدرجة المقياس يتوافق مع التصنيف الثلاثي للمؤشر وكانت آلية الإستبيان على النحو التالي:

  • اختيار شركة محلية و معروفة و تتفاوت نسبة رضا العملاء عنها
  • وضع سؤال مؤشر الترويج الصافي (NPS)
  • وضع سؤال تابع يتضمن ثلاث اختيارات ( مروج – محايد – محرض ) و يتم الإختيار وفقاً للإجابة على السؤال الأول لمعرفة مدى توافق اختيار العملاء لدرجة المقياس مع التصنيف الثلاثي

وكانت النتائج على النحو الآتي:

هل بالفعل يقوم العملاء بتوصية علامتك التجارية للأهل والأصدقاء ؟2

ونستخلص من النتائج اعلاه أن 50% من المشاركين توافقت اختياراتهم لدرجتين 9 و 10  مع فئة المروجون، و13% منهم توافقت اختياراتهم لدرجتين 7 و 8 مع فئة المحايدون، في حين توافق من كان تقييمهم من 0 الى 6 بنسبة 100% مع فئة المحرضون، ومن الملاحظ أيضاً ان معظم من قيّم 5 و 6 يروا انفسهم محايدون للخدمة وهنا نشيرالى ان مؤشر الترويج الصافي NPS وتصنيفه الثلاثي قد لا يكون دقيقاً بالشكل الكافي للتعبيرعن ما يعتقده العملاء عن العلامة التجارية.

  • ما الذي لا يخبرك عنه مؤشر الترويج الصافي NPS؟

بناءً على موقع User testing ” يستطيع ان يخبرك (NPS) بما يعتقده العملاء عنك وليس بالضرورة  عن”سبب” شعورهم تجاه علامتك التجارية” وهذا بطبيعة الحال ينطبق على أي مؤشر كمي، لذا غالباً ما يتبع مؤشر الترويج الصافي بسؤال أخر: ” ما يجب علينا القيام به لتحسين تجربتك معنا؟” لإعطاء مساحة واسعة ليعبر العميل بها عن تجربته بصورة أكثر دقةً و تفصيلاً.

  • عدم اختيار التوقيت المناسب

 من الأمور الأخرى التي يٌخفق فيها توظيف مؤشر الترويج الصافي (NPS) هو اختيار التوقيت المناسب لإرسال الإستبيان، فعلى سبيل المثال: تخيل أن شركة ما أرسلت استبيان (NPS) فوراً بعد شراء العميل للمنتج ، و كانت تجربته في الشراء رائعة وسلسة وراضٍ عنها تماماً وعلى ضوءه أعطى العميل تقييم مرتفع للشركة، ولكن بعد مرور بضعة أيام استلم العميل المنتج وتبين أنه لم يكن المنتج المطلوب وكانت تجربته في إسترجاع المنتج مناقضة عن تجربته في عملية الشراء فكانت خدمة الإسترجاع صعبة ومعقدة للغاية حينها شعر العميل بالإحباط والإنزعاج وتعهد بعدم إجراء عملية شراء أخرى ، عند ارسال للعميل في تلك اللحظة استبيان آخر يتضمنه مؤشرالترويج الصافي NPS)) فمن المحتمل أن يصبح العميل محرضاً ومنتقداً للعلامة التجارية ناسياً او متجاهلاً ما مر به من تجربة إيجابية مسبقة، فهنا نشدد على التأني و اختيار التوقيت المناسب لإرسال الإستبيان حتى لا يقع العميل في فخ الإجابة عن السؤال بناءً على انفعالاته اللحظية التي تعطي تحيزاً للإجابة وتفقد دقتها.

  • هل يقوم العملاء فعلياً بتوصية علامتك التجارية للأهل والأصدقاء؟

بمجرد أن تؤمن بأهمية وجود مؤشر الترويج الصافي NPS)) عليك ان تسأل نفسك أولاً ما إذا كان هذا السؤال يعني الكثير للأشخاص الذين يجيبون عليه بقدر ما قد يعنيه للشركة، قد لا نختلف ان هناك عدة أشخاص يقومون بالفعل بتوصية العلامات التجارية للمقربين منهم ولكن في الوقت ذاته الكثير منهم -حسب طباعهم وسماتهم الشخصية- لا يقومون بالتوصية حتى و إن كان هؤلاء راضين تماماً عن المنتج أو الخدمة المقدمة لهم، مما لا يعطي ذلك مقياسًا حقيقيًا لقيمة المنتج أو الخدمة. فهناك فرق ما بين نية العميل الحقيقية في التوصية و ما بين احتمالية بأن يوصي ، فعندما يقول العميل ” لقد قمت بالتوصية” يختلف عن قوله ” سأقوم بالتوصية”، لذا من الأفضل ألا تضع المنظمة  ثقتها الكاملة على هذا المؤشر دون دعمه بمؤشرات اخرى تخفف من وطأة مردودها السلبي على المنظمة.

  • مؤشر الترويج الصافي NPS  يقيس الولاء وليس الإستحواذ  

يرى الخبراء في المجال ان مؤشر الترويج الصافي (NPS) يستهدف العملاء فقط ولا يعطي أي مؤشر أو دلالة لجذب الفئات الأخرى غير العملاء او الذين كانوا عملاء سابقين فمن هذين البعدين يتم الكشف من خلالهما عن افضل فرص للنمو.كما يتيح مؤشرالترويج الصافي NPS)) الحفاظ على قاعدة العملاء ولكنه لن يعطي أي دلالة على إمكانية توسعها  او زيادة حجمها، ناهيك عن أن التركيز على العملاء الحاليين لا يكشف للمنظمة عن فرص للنمو و التوسع.

 

  • تأثير الإختلاف الثقافي للعملاء على نتائج مؤشر الترويج الصافي NPS))

هل الإختلاف الثقافي للعملاء يلعب دوراً في طريقة تقييمهم للخدمات ونظرتهم لها؟ توصلت شركة HP بعدة سنوات عديدة الى ان نتائج مؤشر الترويج الصافيNPS) ) تتأثر بشكل أو بآخر بالإختلافات الثقافية وذلك بعد اجراءها عدة استبيانات على مستوى الدول لقياس مدى ولاء العملاء لمنتاجتها ، فمن الملاحظ من خلال الرسم البياني أدناه ان العملاء من دول شرق آسيا و أوروبا  يمنحون تقييماً منخفضاً الى متوسطاً عند تقييمهم للمنتجات و السبب ان تلك البلدان متحفظة في ابداء مشاعرها و أقل عاطفةً من نظرائهم في أمريكا وأمريكا الجنوبية والهند الذين يميلون الى اعطاء تقيماً مرتفعاً لأنهم شعوب تميل الى ان تفصح عن مشاعرها بشكل مباشر ويتسمون بالحماسة والعاطفة.

 

هل بالفعل يقوم العملاء بتوصية علامتك التجارية للأهل والأصدقاء ؟3

ختاماً ما تم ذكره من فجوات وجوانب سلبية تتعلق بمؤشرالترويج الصافي (NPS) لا يتنافى مع كونه مؤشر محوري لقياس ولاء العميل للعلامة التجارية وهو قائم الى وقتنا الحاضر، بينما نرى انه من الأهمية بمكان أن يتم تسليط الضوء على بعض جوانبه السلبية  بنفس القدر الذي يتم التطرق اليه من جوانب إيجابية وذلك  بهدف زيادة الوعي عند مستخدمي المؤشر و نقل صورة أكثر موضوعية وشمولية حوله لتوظيفه في المنظمة بأفضل الطرق و بفاعلية أعلى.

ما رأيكم هل بالفعل يقوم العملاء بتوصية علامتك التجارية للأهل والأصدقاء ؟

اقرا ايضا: اهم المؤشرات لقياس تجربة العميل بال Chatbot

تابع صفحتنا على لينكدان

معالي المزروع

حاصلة على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة الأمير سلطان ،تتمع معالي بخبرة تجاوزت الست سنوات في إدارة العمليات، تمحورت خبرتها حول إدارة الجودة ، و تجربة العميل و متابعة الأداء. كما عملت على عدة مشاريع في تحسين تجربة العميل وتطوريها منها بناء نظام صوت العميل VOC، وتصميم رحلة العميل و بناء معايير ضبط الجودة لخدمات مراكز الإتصال ومواقع التواصل الإجتماعي، كما حصلت على عدة شهادات مهنية في تجربة العميل، وإدارة المشاريع، و مؤشرات الأداء. وتعمل حالياً في الإدارة الإستراتيجية للإشراف على المشاريع المتعلقة بتجربة العميل ومتابعة أدائها في تحقيقها للاهداف الإستراتيجية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى