تجربة عملاء ديكس
المهندس عبيد النمشة
تجربة العميل المثالية هي التجربة التي تتوافق مع توقعات وطبيعة الفئات المستهدفة من العملاء.
سلسلة Dick’s Last Resort هي سلسلة من المطاعم تقدم تجربة فريدة من نوعها لعملائها. تمثل تجربة عملاء ديكس مثالاً حياً لأهمية توافق التجربة وما يتوقعه العملاء من العلامة التجارية. يدرب ديكس طاقم العمل أن يكونوا بغيضين ومن المتوقع إهانة زوار ديكس، أو وضعهم في مواقف غير مريحة. حيث يتم إعطاء المرايل للبالغين والقبعات الورقية الكبيرة المصنوعة يدويًا مع الإهانات المكتوبة عليها إلى رواد المطعم لارتدائها أثناء زيارتهم. كما لا توجد مناديل على الطاولات ويتم إلقاءها بشكل عام على العملاء من قبل الموظفين العاملين. بالإضافة إلى تعامل طاقم العمل السيء، يعتبر الديكور “أحمق”. على الرغم من كل ذلك، تتكون السلسلة من سبعة عشر مطعمًا وتعود أصول المطعم إلى مدينة دالاس عندما افتتح ديك تشيس مؤسسة “للمأكولات الراقية” في عام 1985. كانت المؤسسة فاشلة تمامًا، مما أدى إلى إفلاس ديك. وبدلاً من الاستمرار في تصميم المطعم الراقي، أعاد ديك تنظيم جهوده وقرر يخوض مغامرة تسويقية جريئة. كانت النتيجة النهائية ناجحة، مما أدى إلى إنشاء المزيد من المواقع.
أعتقد أن سبب نجاح سلسلة ديكس يكمن في ثلاث نقاط رئيسية:
- خلق تجربة فريدة من نوعها
- تقديم وجبات ذات جودة عالية
- التزام طاقم العمل بالأدوار المناطة بهم
كان الهدف من التجربة الفريدة التي يقدمها مطعم ديكس الخوض في مغامرة تسويقية والتي بدورها لم تكن لتنجح لولا وجود النقطة الثانية والمتعلقة بجودة الطعام المقدم. يمكن استخدام تجربة مطعم ديكس كمثال لأهمية جودة المنتج المقدم في نجاح تجربة العميل حيث تكررت العبارة التالية بين عملاء المطعم “حضرت لتجربة الجو العام وبقيت لجودة الطعام”. بالإضافة إلى التزام طاقم العمل بالسيناريو (الذي يمكن اعتباره غير مريح او اعتيادي) الذي يضمن للعميل استمرارية التجربة المتوقعة ذاتها في مختلف الفروع وأوقات الزيارات.
يمكنك عزيزي القارئ التنبؤ بما أحاول استنباطه من المثال المذكور آنفًا. يحمل الكثير تصورًا خاطئًا حول ماهية تجربة العميل المنشودة. حيث يسود الاعتقاد بأنها يجب أن تكون تتمحور حول استقطاب العملاء من خلال التجربة السعيدة أو المثالية. لكن يرافق ذلك الاعتقاد تصورًا خاطئًا أن التجربة يجب أن تنتج عميلًا سعيدًا (حسب التصور العام للسعادة) من خلال المعاملة التقليدية والمتعارف عليها. ونرى في تجربة مطعم ديكس تحدي صريح لذلك التصور. أعتقد أن تجربة مطعم ديكس مثال جميل لخلق تجربة مناسبة لفئة مستهدفة من العملاء. المفتاح عزيزي القارئ يكمن في جملة “تجربة مناسبة”.
تجربة العميل الناجحة ليست بالضرورة التجربة التي تتوافق مع المعروف أو المتوقع. قد تبدو تجربة عملاء مطعم ديكس تجربة سيئة في ظاهرها، لكن حقيقة الإقبال الكبير والنجاح الذي عكس في توسع المطعم وتحوله الى سلسلة يكمن في تطبيق أبجديات استراتيجيات تجربة العميل بدون فرض تصورات سابقة تقيد عملية البناء. أعني بذلك ان ديك لم يقيد نفسه بالابتسامات والتعامل اللطيف المتوقع من طاقم الخدمة في المطاعم.
يعتقد البعض من المهتمين بتجربة العميل خطئًا أن التجربة بذاتها كافية لتحقيق النجاح والتي لا تتخطى محيط أسلوب التعامل ونصوص التواصل المكتوبة مسبقًا. يجب أن يكون متخذي القرار على وعي تام بكل الأمور المتعلقة بالتجربة المبتغاة. وتقع المسؤولية على عاتق مصممي ومطوري تجربة العميل في تلك المنظمة لتوضيح وتثقيف صناع القرار حول ترابط واهمية اجزاء المنظومة جميعها في نجاح التجربة المبتغاة. ويتوقع من فريق تجربة العميل تصميم تجربة مناسبة لشريحة العملاء المستهدفة ومتوافقة تماما مع توقعاتهم وتفضيلاتهم. كما يجب أن يكون التسويق على توافق مع التجربة التي تم تصميمها حتى تتوافق التوقعات لدى العملاء مع التجربة في أرض الواقع. وإدارة المنتجات يجب أن تتوافق معاييرها مع التوقعات التي تم بنائها في التسويق ويشعر بها العميل أثناء التجربة. ويقع على عاتق إدارة الموارد البشرية إعداد وتدريب ممثلي خدمة العملاء حسب التوجه والأهداف المحدد تحقيقها للتجربة المصممة، وهلم جرًا.
ختامًا، تجربة العميل المثالية هي التجربة التي تتوافق مع توقعات وطبيعة الفئات المستهدفة من العملاء، ويتعلق نجاحها على أداء أجزاء المنظمة وتعاونها. ويتم تحقيق ذلك من خلال التوافق وتوحيد الرؤية بقيادة صناع القرار في المنظمة.