مقالاتاخبار

الذكاء الاصطناعي أم الذكاء البشري

الذكاء الاصطناعي أم الذكاء البشري

الدكتور أحمد علي شعبان

أصبح الذكاء الاصطناعي موضوع الساعة في وقتنا الحالي، ولذا فإننا دائماً ما نسمع عنه في التغطيات الإعلامية، والمقالات، والمقابلات، والأخبار الصحفية، وغيرها من المنصّات.

لكن السؤال الذي يعنينا هو: متي نحتاج إلى الذكاء الاصطناعي ومتى نكتفي بالذكاء البشري؟

هل نحتاج إلى الذكاء الاصطناعي دائماً؟ هل يمكننا تحسين الخدمات والتغلب على المشاكل باستخدام الذكاء البشري وحده؟

الذكاء الاصطناعي أم الذكاء البشري

من واقع خبرتي العملية، رأيت الكثير من المؤسسات التي تتسابق لتطبيق حلول الذكاء الاصطناعي رغم أن لديها من المشاكل والتحديات ما يحتاج إلى استخدام الذكاء البشري فقط.

فيما يلي، نستعرض بعض الأسئلة الهامة التي يجب أن تطرحها على نفسك قبل اللجوء إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

  • أين أنت من توفير تجربة متعامل سلسة وقنوات خدمة موحّدة؟

تتعامل العديد من المؤسسات مع عملائها عبر قنوات مختلفة دون استخدام نظام موحّد، ما يصيب المتعاملين بحالة من التخبّط. فنجد أحد المتعاملين، على سبيل المثال، يرسل بريداً إلكترونياً للاستفسار عن أمر ما أو لتقديم شكوى حول الخدمة دون أن يتلقى ردّاً على رسالته، فيضطر إلى الاتصال بمركز خدمة المتعاملين بحثًا عن حل للمشكلة التي يواجهها، ليدرك حينها أن مركز الاتصال لا يعلم شيئًا عن الرسالة الإلكترونية التي أرسلها سابقاً.

تظهر هذه الحالة لدى المؤسسات التي تستخدم قنوات خدمة متعددة، مع وجود فريق عمل لإدارة كل قناة على حدة وعدم وجود التنسيق والتواصل الكافي بين فرق العمل المختلفة. لا يمكن أن نلجأ إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي في ظل ظروف كهذه؛ بل يجب العمل أولاً على وضع منظومة عمل موحّدة وتطوير قاعدة البيانات الداعمة لهذه المنظومة.

  • هل تُدار تجربة المتعاملين في مؤسستك بالاعتماد على إجراءات التشغيل القياسية (SOP) ووفقًا لمؤشرات أداء واضحة؟

إدارة تجربة المتعاملين باستخدام إجراءات التشغيل القياسية يمكّنك من تحديد كيفية العمل، والجهات المسؤولة عن التنفيذ، وسبل قياس النتائج، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى توفير تجربة متعاملين سلسة وموحدة سواء عبر مركز الاتصال أو منصات التواصل الاجتماعي.

الآن، نرى بعض الشركات التي لديها مشكلة في الرد على المتعاملين أو العمل وفق اتفاقية واضحة لمستوى الخدمة تناقش تطبيق مشاريع الذكاء الاصطناعي على عملياتها، مع أن الحكمة تقتضي حلّ المشاكل الأساسية أولًا وإجراء تغيير جذري على منظومتها التشغيلية قبل اللجوء إلى التكنولوجيا المتطورة التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم المشكلة.

الذكاء الاصطناعي أم الذكاء البشري

 هل تمتلك المؤسسة القدرات اللازمة لإدارة مشاريع الذكاء الاصطناعي؟

من العوامل الأساسية في نجاح مشاريع الذكاء الاصطناعي وجود موظفين مدرّبين على التعامل مع هذه التكنولوجيا المتطورة. وعليه، يُنصح دائماً بتوفير برامج تدريبية لفريق العمل بالتزامن مع تنفيذ برامج التحول الرقمي حتى يتمكن المتعاملون من الحصول على التوجيه اللازم عند مواجهة أي صعوبات.

  • ما الهدف من تطبيق مشاريع الذكاء الاصطناعي؟

ينبغي أن يكون التركيز على المتعاملين وتحقيق الكفاءة التشغيلية هما الهدف الرئيسي من تطبيق مشاريع الذكاء الاصطناعي. وتشمل مؤشرات الأداء الرئيسية لتقييم أثر هذه المشاريع الاستخدام الأمثل للموارد، وتعزيز التواصل مع المتعاملين، وتجاوز توقعات المتعاملين، وكفاءة الإنفاق، وتحسين العمليات التشغيلية.

أما المؤسسات التي تودّ تطبيق مشاريع الذكاء الاصطناعي دون تحديد هدف واضح أو مؤشرات أداء واضحة في مراحل ما قبل التنفيذ وبعده، فعليها أن تعيد التفكير في ذلك وأن تركّز أولاً على استخدام ما لديها من ذكاء بشري.

  • هل لديك البيانات اللازمة لتطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؟

لن تنجح حلول الذكاء الاصطناعي عندما تلجأ إليها دون أن يكون لديك البيانات اللازمة. ولذا، يُنصح بالإجابة عن الأسئلة التالية أولاً:

  • ما هي البيانات المتاحة لديّ؟
  • هل هذه البيانات منقّحة ومنظّمة؟
  • هل هذه البيانات مِلك للمؤسسة؟
  • هل هذه البيانات ثابتة أم متغيرة؟
  • هل يمكن الاستعانة بالمزيد من البيانات من جهات خارجية لرسم صورة كاملة لتجربة المتعامل؟

تعتمد أبحاث الذكاء الاصطناعي على مجالات متعددة تشمل علوم الحاسب، وعلم النفس، والفلسفة، وعلم الأعصاب، والعلوم المعرفية، كما تتداخل مع مجالات أخرى مثل علوم الروبوت، واستخراج البيانات، وتقنيات التعرف على الصوت والوجوه، وغيرها. لكن الأساس الذي يقوم عليه الذكاء الاصطناعي هو وجود ما يكفي من الذكاء البشري لتحقيق أفضل استفادة من هذه التكنولوجيا في تطوير الكفاءة التشغيلية، بدلاً مجاراة الاتجاه السائد دون تحقيق قيمة حقيقية للمتعاملين.

اقرا ايضا عن الذكاء الاصطناعي وتتبع مشاعر المتعاملين

أحمد علي شعبان

أحمد هو خبير استراتيجي في التجربة الحكومية وله تاريخ طويل في تقديم البرامج الناجحة التي تركز على التحول الحكومي في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها. مع أكثر من 18 عامًا من الخبرة المهنية في تطوير الخدمات الحكومية، وتقديم الخدمات، وتطوير استراتيجيات تجربة المتعامل، والبحوث والاستشارات، في كل من الشركات الحكومية وشركات القطاع الخاص ، حيث قاد مبادرات التحول الرقمي والتحول في مجال الأعمال التي تعتمد على التكنولوجيا الناشئة. يؤمن أحمد أيضًا برد الجميل للمجتمع. وفقًا لذلك، فهو عضو هيئة تدريس مساعد في كليات التقنية العليا في الإمارات العربية المتحدة، مع التركيز على بناء المعرفة للأجيال الناشئة. (Business Analytics, Business Information System). يحمل أحمد درجة الدكتوراه من IBS-UTM كلية إدارة الأعمال الدولية Universiti Teknologi Malaysia)) ودرجة البكالوريوس في هندسة الإلكترونيات والاتصالات من جامعة القاهرة في مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى